يشكل الحمل حدثاً مهماً في العائلة، ولا يكاد يعلن النبأ السعيد حتى تنهال النصائح والتعليمات على الأم الجديدة من العمات والخالات والأخوات والجارات، وينسى الجميع في غمرة الحدث أو يتناسين أن الحمل أمر طبيعي هيأ الله المرأة له وليس مرضاً يصيب الأم وتحتاج إلى العلاج منه.
ولا شك أن الحمل يؤدي إلى تغيرات عديدة في جسم المرأة ولكنها تغيرات فيزيولوجية طبيعية، الغاية منها التكيف مع الوضع الجديد وتهيئة الجو المناسب للطفل القادم، ويجب على الأم أن تكون على دراية ببعض هذه التغيرات وأن تكون مستعدة للوضع الجديد، وفيما يلي بعض النصائح المهمة للمرأة للتأقلم مع الحمل والحفاظ على صحتها وصحة جنينها.
1- توازن الغذاء:
تعد التغذية أمراً مهماً أثناء الحمل، فالجنين النامي يحتاج إلى المواد المغذية مثل البروتينات، كذلك الحال مع الأم التي يجب عليها الاهتمام بصحتها وغذائها ونخص بالذكر نوعية الغذاء أكثر من كميته.
فمن المعلوم أن وزن الأم الحامل يزداد حوالي 10-12 كغم أثناء الحمل موزعة على الجنين والمشيمة والسائل الأمونيوسي، وإن عدم زيادة وزن الأم بشكل مناسب يعرض الجنين إلى مشكلات عديدة منها نقص وزن الولادة.
ويجب أن تكون التغذية متوازنة وتحتوي على العناصر الأساسية كالبروتينات والسكاكر والدسم والفيتامينات والمعادن وأن تكون كمياتها مناسبة كما ينصح بالإكثار من الأطعمة الغنية بالألياف للتخفيف ما أمكن من الإمساك المصاحب للعمل أحياناً.
2- أعراض الوحام:
تترافق الأشهر الأولى للحمل مع حدوث غثيان صباحي لدى الأم وظهور ما يدعى بأعراض الوحام أي الرغبة في تناول أشياء معينة قد تكون غريبة أحياناً (كالطبشور والفحم والورق.. إلخ) والنفور من بعض الأطعمة، ويرجع ذلك كله إلى تبدلات الشهية المرافقة للحمل، ويجب التعامل مع هذا الموضوع باعتباره موضوعاً طبيعياً ولا خوف منه إلا في حالات خاصة عندما تصبح الإقياءات شديدة ومهددة لحياة الأم.
3- الحركة والتمارين الرياضية:
تركز معظم النصائح التي تنهال على الحامل خاصة في بداية حملها على عدم الحركة والتزام الفراش حتى لا تفقد جنينها، والحقيقة أن هذا الأمر مبالغ فيه فالحمل -كما أسلفنا- أمر طبيعي ولا يغير شيئاً من نشاط الأم إلا في حالات نادرة يحددها الطبيب (كالإسقاطات المتكررة أو النزف) فهذه الحالات تحتاج إلى الراحة، ويجب في أشهر الحمل المتوسطة والأخيرة ممارسة التمارين الرياضية المناسبة للأم، لأن ذلك ينشط الدورة الدموية ويمنع الركودة خاصة في الساقين، وهذا ما يقي - بإذن الله- من التهاب الأوردة الخثري، ويعد المشي أفضل أنواع التمارين الرياضية.
4- السفر المشروط:
لا مانع بصورة عامة من سفر الأم أثناء الحمل إلا في حالات خاصة يحددها الطبيب، ويجب أثناء السفر تجنب الجلوس المديد، والحركة كل ساعتين على الأقل لتنشيط الدورة الدموية ومنع ركود الدم في الساقين.
5- الإرهاق النفسي والجسدي:
يجب ـ قدر الإمكان ـ عدم الانفعال والغضب والتعامل مع المشكلات الأسرية اليومية بهدوء وروية لأن الراحة النفسية عامل أساس لصحة الحمل، كما يجب تجنب الألبسة الضيقة والضاغطة، وعدم لبس الأحذية ذات الكعب العالي لأنها تؤدي إلى زيادة تقوس العمود الفقري وزيادة الشد على عضلات مفاصل الظهر وتؤدي في النهاية إلى ألم الظهر.
6- العناية بالثديين:
تبدأ العناية بالثديين أثناء الحمل، حيث لابد من تهيئة الثديين للإرضاع ومعالجة مشكلاتهما كالحلمة الغائرة أو المتشققة، ويتم تنظيف الثديين بواسطة قطعة نظيفة مبللة بالماء الدافئ، كما يتم دلك الحلمتين بمادة ملينة (زيت الزيتون) وشدهما للخارج.
7- تأثيرات الأدوية:
يجب على الحامل تجنب تناول الأدوية أثناء الحمل إلا باستشارة الطبيب لأن أي دواء مهما كان سوف يمر إلى المشيمة ومنها إلى الجنين، وقد يكون لبعض الأدوية تأثيرات خطيرة على الجنين وتؤدي إلى حدوث التشوهات.
8- التدخين والكحول:
أصبح مما لا شك فيه أن التدخين يؤدي إلى أمراض كثيرة تشمل حتى المرأة الحامل وجنينها حيث يؤدي إلى صغر حجم الجنين والإسقاطات المتكررة وارتفاع الضغط الشرياني الحملي والخداج (الولادة قبل الأوان) ولهذا وجب على الأم الحامل الامتناع التام عن التدخين، كذلك الحال مع الكحول الذي يترافق مع ما أصبح يعرف بمتلازمة الطفل الكحولي وهي مجموعة من التشوهات التي تشمل الوجه والقلب والدماغ وتشاهد عند أطفال الأمهات الكحوليات ونحمد الله أن مجتمعاتنا الإسلامية خالية تقريباً من هذا الداء ولكن وجب التنبيه إليه.
9- العلاقة الزوجية:
لا يعد الحمل مانعاً للعلاقة الزوجية بصورة عامة إلا في حالات معينة كالنزيف أو تمزق الأغشية الباكر، ولكن يفضل الإقلال من اللقاءات الزوجية خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل والامتناع عنها خلال الشهر الأخير.
10- الإشراف الطبي:
وأخيراً يجب أن تكون المرأة الحامل طيلة فترة حملها تحت إشراف طبيبة مختصة أو أحد مراكز رعاية الطفولة والأمومة، والقيام بزيارات دورية (مرة واحدة شهرياً خلال الأشهر الستة الأولى ثم مرتين شهرياً خلال الشهرين السابع والثامن ثم مرة أسبوعياً خلال الشهر التاسع) حيث يتم خلال هذه الزيارات مراقبة وزن الحامل وضغطها وعيار خضاب الدم، وإجراء فحص البول للكشف عن السكر أو الزلال، إضافة إلى تطعيم الحامل ببعض التطعيمات الخاصة بالحوامل كالكزاز.
م ن ق و ل